مقدمة:
إن محبة الله عز وجل هي قوت القلوب.. وغذاء الأرواح.. وقرة العيون .. وسرور النفوس .. وروح الحياة.. ونور العقول...ومن حرمها فهو من جملة الأموات ..ومن فقدها فهو في بحار الظلمات .
فإعلم رحمك الله تعالى أن حب الله تعالى شرط من شروط الإيمان كما قال الله تعالى:
(( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ))البقرة 165.
فقوله تعالى: (( والذين آمنوا أشد حبا لله )) يدل على أن حب الله ينبغي أن لا يساويه حب.. وأن حب الله لابد أن يستحوذ على القلب كله، وله وحده سبحانه وتعالى:
فيكون حبه كنواة وما عداه يدور في فلكها كالمجموعة الشمسية .
قال تعالى: (( قل إن كانَ آباؤكُم وأبناؤكم وإخوانكُم وأزواجكُم وعشيرتُكُم وأَموالٌ اقترفتموها وتِجَارةٌ تَخشونَ كسادها ومساكنُ تَرضَونَهَا أَحَبَّ إليكُم من اللهِ ورسولهِ وجَهَادٍ في سَبيلهِ فَتَربَّصُوا حتى يَأتِيَ اللهُ بأمرهِ واللهُ لا يهدي القومَ الفَاسِقِينَ )) التوبة 24
دلت الآية: على أن حب الله وحب رسوله والجهاد في سبيله فرض وأنه لا ينبغي أن يكون شيء سواه أحب إلى أهل الإيمان منه.. وبمثل ذلك جاءت السنة :
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان:
أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما
وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله
وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يوقد له نار فيقذف فيها )) رواه البخاري .
أولا: الأسباب التي تستجلب بها محبة الله تعالى:
1- معرفة أسماء الله وصفاته الذاتية والفعلية .2- معرفة نعمه تعالى على عباده .
3- كثرة ذكره سبحانه وتعالى مع حضور القلب .
4- تلاوة القرآن بالتدبر والتفكر . فمن علامة حب الله حب القرآن .
5- الإخلاص لله تعالى في الأقوال والأفعال .
6- تذكر ما ورد في القرآن والسنة من رؤية أهل الجنة لله تعالى في الجنة وزيارتهم له تعالى واجتماعهم يوم المزيد والكلام معه تعالى بدون ترجمان ولا حجاب .
7- حب ما يحبه الله وبغض ما يبغضه الله تعالى .
8- موالاة أولياء الله عز وجل ومعاداة أعدائه .
ثانيا: الأسباب التي يستجلب بها العبد محبة الله له منها:
1- انكسار القلب وخضوعه لله تعالى في كل الأوقات .2- متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأخلاقه ظاهراً وباطناً قال تعالى:
(( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم )) آل عمران 31:
فهذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم :فإنه غير صادق في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله وأحواله .
3- الإكثار من النوافل فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ما يزال عبدي يتقرب إلى بنوافل حتى أحبه )) رواه البخاري .
4- الخلوة به تعالى وقت نزوله سبحانه وتعالى في الثلث الآخر من الليل كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له )) رواه البخاري ومسلم .
5- مجالسة الصالحين الصادقين .
6- الزهد في الدنيا فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أزهد في الدنيا يحبك الله )) رواه ابن ماجه والطبراني وصححه الألباني .
ثالثا: علامات محبة العبد لله تعالى :
1- المداومة على ذكر الله بالقلب قبل اللسان .2- الشوق إلى لقاء الله تعالى والنظر إلى وجهه الكريم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن لم يحب لقاء الله لم يحب الله لقاءه )) رواه النسائي والترمذي وصححه الألباني .
3- الإكثار من تلاوة القرآن على جهة التلذذ والاستمتاع .
4- الرضا بقضاء الله في السراء والضراء
5- المتابعة المطلقة للرسول صلى الله عليه وسلم .
6- الخوف منه تعالى والبكاء على الخطيئة .
7- الرجاء في رحمته في حال الضعف .
8- الزهد في الدنيا .
رابعا: محبة الله اسم لمعان كثيرة منها :
أحدها : الاعتقاد أنه سبحانه وتعالى محمود من كل وجه لا شيء من صفاته إلا وهو مدحه له .الثاني : الاعتقاد أنه محسن إلى عباده منعم متفضل عليهم بالإيجاد والإمداد.. ..
الثالث : اعتقاد أن الإحسان الواقع منه عز وجل أكبر وأجل من أن يقابله قول العبد وعمله .
الرابع : أن تكون آماله منعقدة به عز وجل ولا يرى في حال من الأحوال أنه غني عنه تعالى .
الخامس : أن يحرص على أداء فرائضه والتقرب إليه من نوافل الخير مما يطيقه .
فتأمل في ثمرة محبة الله لعبده في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحبه قال فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء قال: ثم يوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه قال: فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فابغضوه قال: فيبغضونه ثم توضع له البغضاء في الأرض ))
خامسا: الحب العرفاني:
أما أهل العرفان فإختصوا في أذواق هاته المحبة حتى قال بعضهم بأن الحب الإلهي لا يشرح بل يذاق.... :
وفي سلوكهم لله محبة له وفيه وبه رسموا لنا العديد من أحوال ومقامات حبهم القدسي الإلهي هذا رغم غلو بعضهم في هذا لحد محاولة إثبات أحوال التأله والفناء والسكر كمقامات لا كأحوال وشطحات فقط ...:
الأمر الذي جعل بعض المتصوفة يغرقون في فلسفة وحدة الوجود والحلول التي ما أنزل الله بها من سلطان.
فما الفناء والسكر في محبة الله إلا حالان كالعديد من أحوال السالكين ،وليستا بمقامان كما يومن فلاسفة وحدة الوجود والإتحاد والحلول ... فالخلق خلق والخالق خالق، والعبد عبد والرب رب سبحانه.
ومن ذاق عرف.. بل وما التصوف إلا إيمان يذاق .
الفروض:
إحفظ بنية العمل هاته الرسالة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق